منتديات الدولار العربى - بريطانيا محظوظة بنظامها الاقتصادى المتكامل وقدرتهاعلى تخفيض قيمة الاسترليني

http://www.al-iqtisad.net/bo/img/eur/istrlene.jpg

الاعضاء الاعزاء فى منتديات الدولار العربى
بريطانيا محظوظة بأن لديها نظاماً اقتصادياً متكاملاً ولديها القدرة على تخفيض قيمة الاسترليني. وعلى العكس من ذلك، نجد منطقة اليورو ابتليت بلعنة طبيعتها المجزأة والتناقضات الداخلية فيها، وأسعار الصرف الثابتة المفروضة على كل واحد من أعضائها.

ويكثر الحديث حول هذا الموضوع في المملكة المتحدة، حتى إن وزير المالية السابق، اللورد لوسون، جادل في الأسبوع الماضي بأن بريطانيا ستكون في حال أفضل لو كانت خارج الاتحاد الأوروبي. لكن علينا أن نكون أكثر حذراً.

قبل أن نتعالى على جيراننا الأوروبيين ونعطيهم حلولاً بسيطة لمشاكل منطقة اليورو، يجدر بأهل بريطانيا أن يهتموا أكثر بالمسائل المتعلقة بإخفاقات وتناقضات منطقة عملة الاسترليني.

لا تستطيع بريطانيا بالتأكيد التباهي بالأداء المتفوق المطلق في الاقتصاد. في نهاية السنة الماضية، في الوقت الذي كان فيه الناتج المحلي الإجمالي في منطقة العملة الأوروبية الموحدة يقبع عند مستوى 3.5 في المائة دون مستوى الذروة في عام 2008، كان العجز في بريطانيا أفضل من ذلك بقليل، إذ كان نحو 3 في المائة دون مستوى الذروة.

ونسبة البطالة في المملكة المتحدة، البالغة 7.8 في المائة أفضل كثيراً من نسبتها في منطقة اليورو، البالغة 12.1 في المائة. لكن العجز في المالية العامة في المملكة المتحدة، البالغ 8.3 في المائة أسوأ بكثير من نسبة 3.6 في المائة التي سجلت في السنة الماضية في منطقة اليورو. ويستطيع الناس أن يجادلوا بخصوص تأثير الخطوات التي اتخذت لتخفيض العجز في منطقتي العملة، لكن من المؤكد أن التقشف سيدوم لفترة أطول بكثير في بريطانيا.

وبطبيعة الحال متوسطات منطقة اليورو تخفي وراءها عديدا من الخطايا. لكن السؤال الأهم هو: لماذا لا تعمل بريطانيا بكفاءة أكبر بكثير؟ لاحظ أن منطقة الاسترليني تتمتع بجميع الميزات اللازمة لنجاح أي منطقة اقتصادية. ففيها يوجد اتحاد سياسي، وتماسك ثقافي، وقدر كبير من الهجرة الداخلية، ولغة مشتركة، واتحاد في المالية العامة، واتحاد مصرفي.

نعم كل هذا موجود، ومع ذلك لا تعمل منطقة الاسترليني بصورة حسنة. في منطقة لندن، بلغ إجمالي القيمة المضافة لكل فرد 70 في المائة فوق متوسط بريطانيا. وكما ذكرت "فاينانشيال تايمز" هذا الأسبوع عدد رافعات البناء في لندن يفوق العدد الموجود في كل المملكة المتحدة، ما يُظهِر تباعداً هائلاً في الثقة. ولا تَظهر على هذه التباينات أي علامة تشير إلى تقاربها.

وسياسيونا واضحون في أن الجواب على الصعوبات التي تواجهها بريطانيا لا يكمن في تقوية الاتحاد المالي للمملكة المتحدة. وتتفق الحكومة والمعارضة والجمهور جميعاً على أن تكلفة التأمينات الاجتماعية عالية جداً. والتخفيضات الناتجة في النفقات بطبيعة الحال تأخذ المال من أكثر الفئات المحرومة اقتصادياً في بريطانيا، ما يقلل من فاعلية اتحاد التحويل في بريطانيا. وحين يقوم وزير المالية بتخفيض الشريحة العليا من ضريبة الدخل والمطالبة بأن تكون رواتب القطاع العام انعكاساً أفضل لمعدلات الأجور المحلية، فإنه تواق كذلك لتخفيض تحويلات المالية العامة أكثر حتى من ذي قبل.

ومع أن جورج أوزبورن يخبر الأوروبيين في القارة بأن "المنطق الذي لا يرحم" للعملة الموحدة يقضي بإدخال اتحاد في المالية العامة، إلا أنه يخبر الناس في شمال إنجلترا بأنه لا يمكن الاستمرار في تدليلهم وأن الانضباط في قوى السوق هو اللغة الوحيدة التي يفهمونها. وزير المالية يتصرف مثل إيطالي حين يسافر إلى بروكسل، ومثل ألماني حين يكون في لندن.

ماذا يمكننا أن نتعلم من الصعوبات التي تعانيها بريطانيا في إدارة عملة فعالة موحدة؟ أولاً، لأن التباينات داخل منطقة الاسترليني كبيرة جداً، فإن فكرة أن المشكلة الكبيرة الوحيدة التي رُزِئ بها الاقتصاد البريطاني هي غياب الطلب العام الناتج عن التخفيضات القاسية في المالية العامة هي كلام فارغ. ثانياً، الصدمات التي تصيب جزءاً واحداً من منطقة عملة موحدة يمكن أن تستمر لفترة طويلة للغاية حتى مع وجود اتحاد سياسي ومالي ومصرفي. في الثمانينيات أصيبت بريطانيا بصدمة غير متناظرة، نتجت بسبب فشل الصناعات التقليدية في الشمال. والجروح لم تبدأ حتى في الالتئام بعد. ثالثاً، معايرة الدرجة القصوى من التحويلات في المالية العامة ضمن عملة موحدة مسألة صعبة جداً، لأن القدر المبالغ فيه في إعادة التوزيع يعتبر في مثل سوء القدر القليل دون الحد من الشيء نفسه.

رابعاً: الدواء الذي يوصف كثيراً لبلدان منطقة اليورو من حيث الاتحاد المصرفي، والمالية العامة، والاتحاد السياسي لا يضمن شفاءً لصحة المريض. يحتاج الدخلاء إلى قليل من التواضع. والأهم من ذلك، على الناس في بريطانيا أن يتوقفوا عن الشعور بالزهو بحكمة المحافظة على منطقة الاسترليني، لأن أداءها متوسط بصورة جلية.